بسم الله الرَّحْمَنِ الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بَعْدُ:
إخواني الحجاج:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وَبَعْدُ:
1-إِنَّ الرحلة إِلَى بيت الله المعظَّمِ لأداءِ الحج والعمرة رحلة إيمانية يُقْصَدُ بِهَا بيت الله الحرام لتعظيم شعائر الله، ولأداء ركنٍ مِنْ أركان الإسلام العظام ألا وَهُوَ الحج
يقول الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}
وَقَالَ تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}
وَقَالَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( مِنْ حج فلم يرفث ولم يفسق رجع مِنْ ذنوبه كيومِ ولدته أمه)). والرفث: الجماع ومقدماته، والفسوق: الذنوب والمعاصي ومنه الجدال بالباطل.
وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( تابعوا بَيْنَ الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كَمَا ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديدِ)).
2- إخواني الحجاج: إِنَّ العبادة لا تكون مقبولة، والعمل لا يكون صالحاً إلا بشرطين هامين وهما: أولاً: إخلاص العمل لله، قَالَ تعالى:{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}.
ثانياً: متابعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ تعالى:{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((لتأخذوا عَنِّ مناسِكَكم)).
3- إخواني الحجاج: استَغِلُّوا أوقاتكم فِي هذه الرحلة الإيمانية فِي طاعة الله، وعمل الصالحات وفعل الخيرات، والابتعاد عَنِ المنكرات والسيئات.
4- إخواني الحجاج: اعبدوا الله على بصيرة ونور مِنَ الله، واسألوا عما أشكل عليكم قبل أَنْ تقوموا بأي عمل مِنْ أعمال الحج حتى لا تقعوا فِي الخطإ ثم تلتمسوا لأنفسكم المخارج.
فاحرصوا على أَنْ يكون أداؤكم للنسك على علم وبصيرة.
5- إخواني الحجاج: الحج جهاد كل ضَعِيْفٍ، وَفِيْهِ مشاق ومتاعب، فعليك أخي فِي الله أَنْ تتحلى بالصبر والْحِلْمِ والله تعالى يقول: {واصبروا إِنَّ الله مَعَ الصابرين}، ويقول تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
6- إخواني الحجاج: تذكروا أَنَّ مِنَ الأخلاق الإسلامية الحميدة التي حثنا عليها ديننا الحنيف: الرِّفْقُ، وَقَدْ قَالَ النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((ما كَانَ الرفق فِي شيء إلا زَانَهُ، وما نُزِعَ مِنْ شيء إلا شَانَهُ)).
وكذلك صفة العفوِ، والله يقول: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، ويقول الله عز وجل واصفاً المتقين: { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
7 - إخواني الحجاج: احرصوا فِي هذه الرحلة الإيمانية على ذِكْرِ الله وتلبيته وتهليله وتسبيحه وتحميده وقراءة كتابه العزيز، والتلبية مِنْ أفضل أذكار الحج، ووقتها مِنَ الإحرام إِلَى رمي جمرة العقبة يوم النحر، والتكبير مِنْ أعظم الأذْكَارِ وأفضلها لا سيما فِي عشر ذي الحجة إِلَى آخر أيام التشريق، مَعَ الإكثار مِنَ التهليل لقوله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله)).
واحرصوا على اغتنام أوقاتكم بالدعاء فهو مِنْ أشرف العبادات، بل هُوَ العبادة كَمَا قَالَ النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الدعاء هُوَ العبادة)) ثم قرأ قولَهُ تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
8- إخواني الحجاج: احرصوا على أعمال البر كالصدقةِ والإحسان إِلَى الناس بالكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، ولِيْنِ الجانبِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ بِرِّ الحجِ الذي قَالَ فِيْهِ النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((والحج المبرور ليس لَهُ جزاء إلا الجنة)).
9-إخواني الحجاج: تعاونوا مَعَ بعضكم، ومع القائمين على شؤون الحج، ومع رجال الأمن الذين جاؤوا لخدمتكم ومساعدتكم على البِرِّ والتقوى، والمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
أسأل الله أَنْ يوفقنا وإياكم لما فِيْهِ الخير والهدى والصلاح والسداد.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا مُحَمَّد.
كتبه: أَبُو عُمَرَ أسامة بن عطايا العتيبي 29/11/ 1426هـ .
المصدر.