وعن جندب بن سفيان _ رضي الله عنه _ قال : " شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت فقال من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله " متفق عليه
وقفات مع فقه الحديث
1. الأضحية عبادة مؤقتة لا تصح بغير وقتها الذي شرعت فيه .
2. يدل الحديث على أن ابتداء وقت ذبح الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى ولو قبل الخطبة وأن الذبح قبل انتهاء الصلاة لا يجزىء بمعنى أن ذبيحته لم تقع أضحية وإنما هي شاة لحم ، وسواء كان جاهلاً أو ناسياً أو عامداً ، كمن صلى الصلاة قبل دخول وقتها ، ومن لا تقام لديهم صلاة العيد كأن يكون في بادية فيذبح بعد مضي وقت الصلاة بعد ارتفاع الشمس قيد رمح .
3. يمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر ، واختاره ابن المنذر والشيخ تقي الدين لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل أيام التشريق ذبح " رواه أحمد .
قال ابن القيم _ رحمه الله _ : إن الأيام الثلاثة تختص بكونها أيام منى وأيام تشريق ويحرم صومها ويشرع التكبير فيها فهي أسوة في هذه الأحكام .. إلخ
وعن البراء بن عازب _ رضي الله عنه _ قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أربع لا تجوز في الضحايا العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكبيرة التي لا تنقي "
رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان
وقفات مع فقه الحديث
• الحديث يدل على أن المواصفات الأربع في الحديث لا تجزىء وسكت عن غيرها من العيوب .
ذهب الجمهور إلى أنه يقاس عليها غيرها مما هو أشد منها أو مساوٍ لها كالعمياء ومقطوعة الساق ، فالعمياء ومقطوعة الساق من باب أولى لأن العمى يمنع مشيها مع رفيقتها ويمنعها من المشاركة في العلف ، وكذلك مقطوعة الساق والكسيرة .
• والمريضة البين مرضها كالجرباء فإن المرض يمنعها من الأكل ويفسد لحمها ويهزل جسمها .
• ولا تجزىء الهزيلة التي لا تنقي ، وفي بعض روايات هذا الحديث " ولا العجفاء التي لا تنقي " .
والعجفاء هي الهزيلة التي لا مخ فيها .
قال النووي : أجمعوا على أن التي فيها العيوب المذكورة في حديث البراء لا تجزىء التضحية بها ، وكذلك ما كان في معناها أو أقبح منها كالعمى وقطع الرجل ونحوه .
• وإذا تبين أنها مريضة بعد الذبح هل تجزىء أم لا ؟
أجاز مجلس هيئة كبار العلماء بالأكثرية إجزاءها وأنها حين الذبح ليست بيّنة المرض .
وعارض بعض الأعضاء فرأى أنها لا تجزىء إذا ظهر المرض بعد الذبح ، وهذا القول رجحه ابن بسام _ رحمه الله _ في التوضيح قال : والحقيقة أن الحديث ليس فيه تقييد بيان المرض قبل الذبح ولا بعده كما أنه قد حكي الإجماع جماعة من العلماء كابن قدامة والنووي وابن هبيرة وابن حزم على عدم الاجزاء .
ولأن القصد من الهدي والأضحية وغيرهما من ذبائح القرب هو الفائدة منها ، فإذا عدمت فات القصد ، قال تعالى ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) .
ولأن العيب معتبر شرعاً في البيع بعد تلف المبيع وقبله .
والمريضة يعرف أهل الخبرة مرضها قبل ذبحها وهم المعتبرون في مثل هذه الأمور ، والله أعلم .
• اختلف العلماء في مثل مكسورة القرن ومقطوعة أكثر الأذن
فجمهور العلماء أنها لا تجزىء قال الإمام أحمد _ رحمه الله _ : ( لا تجزىء الأضحية بأعضب القرن والأذن ) لحديث علي* الذي صححه الترمذي وظاهره التحريم والفساد .
وذهب الشافعي إلى أنها تجزىء لأن في صحة الحديث نظراً ، ولأن الأذن والقرن لا يقصد أكلها ، واختار ابن مفلح في الفروع الإجزاء مطلقاً وصوبه في الإنصاف .
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي _ رحمه الله _ : الصحيح قول من قال من أهل العلم إن أعضب الأذن والقرن تجزىء لأن النهي عن التضحية بأعضب الأذن والقرن إذا صح الاحتجاج به يدل على الكراهية كما أمر باستشراف الأذن والقرن .
أما مقطوعة الألية أو بعضها ومجبوبة السنام فلا تجزىء لأن هذا شيء مقصود منها .