الأولى أن يجمع الإنسان بين امتثال الأمر بالسواك وبين الصدقة إن أمكن، فإن عجز عن الجمع بينهما.. فينظر إن كان في الصدقة إنقاذ لنفس من التهلكة أو كانت على فقير جائع فيقدم الصدقة على السواك, وإسكات جوع البطن أو كسوة جسد عارٍ أولى من تطهير الفم, لا سيما وأن المضمضة في الوضوء فيها تنظيف للفم, والأحاديث التي جاءت في الحث على الصدقة وسد حاجة الفقير وإعانة المحتاج أكثر مما جاء في فضل السواك, كما أن الصدقة هنا نفعها متعد، والسواك نفعه قاصر على المستاك, وقد دلت السنة على تقديم ما نفعه متعد على ما نفعه قاصر.</B>
</SPAN>كما في قوله صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا. رواه الطبراني وحسنه الألباني .</SPAN></B>
</SPAN>ووجه الشاهد أنه قدم المشي في مصالح الناس –وهو نفع متعد– على سنة الاعتكاف –وهي نفع قاصر- ولكن إذا كانت الصدقة على غير محتاج إليها في ضروريات المعاش أو ترتب على ترك التسوك تغير رائحة الفم -مثلا- وتأذى الناس بذلك فيقدم شراء السواك فيما نرى على الصدقة المستحبة, كالزوجة يتأذى زوجها برائحة فمها فتقدم حينئذ السواك على الصدقة المستحبة, لأن ترك التصدق المستحب </SPAN>لا إثم فيه, وأذية الزوج قد يترتب عليها الإثم, ومثل ذلك أيضا الرجل يشهد الصلاة في المسجد فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وقد جاء الشرع بالمنع من الدخول إلى المسجد بما فيه رائحة كريهة