Aymen Sabry عضو جديد
عدد الرسائل : 15 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 12/10/2008
| موضوع: اضمحلال المسلمين الأحد أكتوبر 19, 2008 1:41 pm | |
| ظل المسلمون قروناً طويلة وهم سادة الدنيا ثم تخلفوا عن ركب الحضارة وما زالوا منهزمين منذ وطئت قدم نابليون أرض وادي النيل .. وإنه لمن أصعب الأمور استقصاء أسباب تخلف المسلمين ولكن أول علامات الوهن كانت تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً فمنذ صدر الإسلام ظهر الشيعة والخوارج والمرجئة والمعتزلة والقدرية والجهمية .. حتى مذاهب أهل السنة والجماعة اختلفت بين أهل الرأي وأهل الحديث وتباغضت وتشاحنت ثم جاءت الصوفية ومعها خليط من الهندوسية والمجوسية والنصرانية فأشاعت التواكل والقدرية وأفسدت العقيدة وعبد الناس القبور والأموات وشاع الإيمان بالخرافات وانتظار الكرامات ثم استشرى الصراع الدموي بين الملوك والأمراء وانقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات وإمارات بأسهم بينهم شديد وانقسم الناس طبقتين طبقة الحكام ومن التف حولهم وقد أفسدهم الغنى وأطغاهم حب الدنيا وطبقة الفقراء التعساء الذين وجدوا عزائهم في عبادة القبور والتوسل للأموات وجاءت أوربا بقضها وقضيضها فذبح الصليبيون المسلمين في عقر دارهم واستولوا على الشام وأخذوا القدس الشريف ولم يفق المسلمون من الذهول إلا على صهيل خيل التتار الذين اجتاحوا البلاد واهلكوا الحرث والنسل وتركوا الأرض بلاقع وأحرقوا بغداد وذبحوا الخليفة ذبح الشاة والعجيب حقاً هو كيف عاش الإسلام بعد كل هذا .استفزت الأحداث نفوس المسلمين وأدركوا أنهم ابتعدوا عن الصراط المستقيم وتنادوا بالتحدي والنزال فقام نور الدين ومن بعده صلاح الدين فوحد الإمارات والدويلات وأزال دولة الشيعة من مصر وأعادها إلى المذهب السني ثم لقى جحافل الصليبيين فى حطين فكسرهم وصمد لجيوش أوربا في الحملة الثالثة وأعادهم خائبين . وتولى المماليك الدفاع عن الإسلام فكسر قطز التتار فى عين جالوت وتابع بيبرس حربهم حتى زال خطرهم واعتنقوا الدين القويم . ثم جاء آل عثمان من قلب آسيا بحماس حديثو العهد فكالوا لأوربا الصاع صاعين فكانوا نداً لروسيا وأمم أوربا مجتمعين أو متفرقين وحاصروا العاصمة فينّا ولم يكن أحد يستبعد عليهم فتح روما كما فتحوا القسطنطينية ووحدوا معظم مساحة العالم الإسلامي في دولة واحدة تمتد في ثلاث قارات . بدا أن المسلمين ملكوا الزمام كرة أخرى ولكنها كانت صحوة سياسية فحسب بينما ظلت عوامل الضعف تنخر فى روح الأمة وجسدها فقد جمد كل شئ ، الفقه صار تقليداً وشروح على الحواشى وشروح على الشروح وأقفل باب الاجتهاد وامتلأت كتب التفسير بالإسرائيليات وكتب الحديث بالموضوعات وقضى مشايخ الصوفية على عقيدة التوحيد لدى العامة كما قضت عليها الفلسفة لدى المتعلمين وصار الدين مراسم وأشكال وفقد روحه وحيويته الدافقة وصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً وتحولت العلوم إلى سحر وشعوذة ورأى المسلمون إبان الحروب الصليبية مدى تخلف الأوربيين في العلوم والمعارف فظنوا أنهم أعلم الناس وليس في الإمكان أبدع مما كان ولا خير يمكن أن يأتي من الأوربيين الهمج . إن خروج المسلمين منتصرين من الصراع مع المغول والصليبيين أعطاهم شعور بالزهو الفارغ والكبرياء الباطل بينما صدم الناس في أوربا نتيجة هزيمتهم في هذه الحروب ورأوا أن المسلمين أكثر منهم رقياً ، وشكوا في صحة دينهم نتيجة هذه الهزيمة ، وتنورت عقولهم بعلوم المسلمين وطرحوا سلطان الدين والكنيسة وانطلقوا في أفاق العلوم والتقنية بينما ركد المسلمون ركوداً عجيباً واطمئنوا واستكانوا إلى الدنيا والخرافات وصار الجمود إلى كل شئ حتى تطوير السلاح عدوه بدعة في الدين تستدعى ثورة جنود السلطان.كان لحكم آل عثمان دور كبير في تخلف المسلمين وخاصة عندما شاخت دولتهم وطحنتها الحروب فأهملوا التعليم والزراعة والصناعة وتفشت الرشوة والفساد في الموظفين فعم الفقر والجهل والمرض ، وكان الترك طبقة عسكرية حاكمة وطالت السنين والقرون وبقيت شعوب المسلمين بمعزل عن أمور الجيش والإدارة والسياسة فوهنت عزائمهم وانحلت الروح الحربية لدى هذه الشعوب مما سهل على الاستعمار بعد ذلك استعمارها. ظل الرجل المريض يتلقى الهزائم في أوربا وروسيا ولكن دون أن يشعر المسلمون بذلك لأنها معارك في بلاد بعيدة والمعركة على أي حال مازالت في عقر دار الأعداء.هبط نابليون أخيراً بجنوده وعتاده أرض وادي النيل واستجمع المماليك قواهم ولقوا جيش نابليون عند سفح الأهرام وقاتل المماليك بشجاعتهم المعهودة ولكن ماذا تغنى الشجاعة أمام المدافع والأسلحة الحديثة .. لقد طوحت معركة إمبابة باستعلاء وكبرياء المسلمين لقد أدركوا أن الأمر ليس ككل مرة هزيمة بسبب التفرق ثم اتحاد فنصر مبين .. بل هذه المرة مختلفة فالمسلمين متحدين بالفعل تحت راية آل عثمان والهزيمة أسبابها واضحة للعيان بسبب تخلف السلاح والعتاد وفنون النزال. ظل نابليون يدحر جيوش آل عثمان وصدم المسلمون صدمة حضارية كتلك التي تلقاها الأوربيون في أعقاب الحروب الصليبية .. نعم لم يطل مقام الفرنجة في وادي النيل ولكن خروجهم كان لا يخفى على الناس سببه ، فقد أغرق الإنجليز أسطول الفرنسيين في البحر المتوسط واضطربت أحوال فرنسا وتحالفت ضدها أمم أوربا.ما لبث الاستعمار أن أطبق على العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه وتلقى المسلمون هذه الصدمة الحضارية في كل مكان ففي الهند التي كان الجيش الإسلامي الصغير يغلب جحافل الهندوس الأشداء أصبح الجيش الإنجليزي الصغير يغلب جحافل المسلمين الأشداء. ولكن في بعض الشر خيار ، فقد قضت هذه الصدمات على الكبرياء الفارغ المخادع الذي جعل المسلمون يخلدون إلى الخمول قروناً طويلة ولكن تنوعت ردود الفعل تنوعاً كبيراً .. فدعى البعض إلى ترك الدنيا لأهل الدنيا والتفرغ لسدانة القبور وترتيل الأوراد والعزائم ، ودعى آخرون إلى العودة إلى أصل الدين (الكتاب والسنة) ونبذ البدع والخرافات وإصلاح العقائد ولكنهم قلما انتبهوا للتقدم في العلوم والتقنية مع تشبثهم بالحروف والمتون تشبثاً يخرجهم في بعض الحالات عن سواء الصراط. ، ودعى آخرون إلى طرح مورثات الدين والثقافة وقبول الحضارة الجديدة ظاهراً وباطناً بحلوها ومرها بخيرها وشرها ولا يهم هؤلاء أي أشكال الغرب نتبع بل المهم لديهم أن نطرح الإسلام ولنكن عندئذ ليبراليون أو شيوعيون ، علمانيون أو ملحدون وجوديون أو برجماتيون ، قوميون أو وطنيون .. كل هذا خير عميم وتقدم عظيم فالمهم أن نتمرد على الدين كما فعل أهل أوربا.تفجرت في أنحاء العالم الإسلامي الثورات الدينية على هذا الهوان .. حركة سلفية في الجزيرة العربية وثورة دينية في الهند ودعوة سنوسية فى الصحراء الكبرى وثورة مهدية في السودان ، ولما زرع الاستعمار بذور الأيدولوجيات الأوربية أصبحت الثورات والانقلابات شيوعية وقومية وعلمانية ، وفى النهاية لم نستطع طرد الاستعمار من بلادنا ولكن سلط الله عليهم عدو من أنفسهم ، فقد اتحدت ألمانيا وأنشئت جيشاً جباراً بطشت به بأوربا كلها وروسيا ولم يقضى عليها الحلفاء إلا بعد أن تكلفوا 90 مليون قتيل وملايين مثلهم من المعوقين وخراب اقتصادي وضياع نفسي وبغض شديد للحرب والنزال فآثرت تلك الدول منح الشعوب المغلوبة استقلالها الظاهري وبالطبع عهدت بالأمر إلى ربائبها وأبناءها الذين من جلدتنا وينطقون بألسننا .. لأنهم مهزومون حضارياً ، مستعبدون فكرياً ويقدمون فروض الطاعة والولاء ويتكفلون بقهر المسلمين بأبشع الأساليب التي قد يتعفف عنها أسيادهم الأوربيين.هؤلاء الحكام يحاربون الدين دون أن يستفزوا جهاز المناعة لدى الشعوب الإسلامية لأن أسمائهم مصطفى ومحمد وناصر . في تلك الحقبة القصيرة أنجزوا ما عجز عنه الاستعمار على مدى قرن طويل . إن إعادة وحدة العالم الإسلامي وإظهار هذا الدين على الدين كله لهو فرض عين على جميع المسلمين .. الطريق طويل وشاق وملئ بالأشواك والدموع بل بالأشلاء والدماء .. أن الأمر يتطلب فئة من الناس تبيع نفسها ابتغاء رضى الله . فلا يقيم الإسلام إلا دولة ، ولا يقيم الدولة إلا الجهاد .. إخلاص النية مع الفدائية ، الفهم الواعي لحقائق الدين .. الارتكاز على الأصول (الكتاب والسنة) مع الأخذ بكل أسباب التقدم والقوة من علوم وصناعة .. هذا هو الطريق ولكن أين السالكون .. أين السالكون. | |
|