أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول
في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والغم، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من ضلع الدين وغلبة الرجال).
وأخرج أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد يوماً فرأى رجلاً من الأنصار يقال له: أبو أمامة ، فقال له: ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة؟ فقال: يا رسول الله! همٌ نزل بي وديون لزمتني، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا أعلمك كلمة إن قلتها أذهب الله همك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والغم، ومن العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).
من الحديثين: يظهر أنه صلى الله عليه وسلم تعوذ وأمر بالتعوذ من قهر الرجال، فما قهر الرجال؟ قهر الرجال في قول كثير من العلماء: ما يصيب الإنسان من قهر وهم وغم، لغلبة انتصر عليه بها وهو يعلم أنه على الحق، وخصمه على الباطل. وأردت بهذه العبرة أن أذكر إخواني أن الحياة الدنيا ميدان تنافس، فربما غلبت المطامع الدنيوية على العبد فكان سبباً في قهر إخوانه حتى يصل إلى مبتغاه وأمله، فيجعل الطريق إلى مبتغاه أن يمضي على أكتاف الناس، وهذا خلاف اليقين بالله جل وعلا والإيمان بقضائه وقدره، وفيه ما فيه من معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم.