الحمد لله الذي جعل العلماء مصابيح هذه الأمة ، وخيرة رجالها ، ومنبع هدايتها ، وصلى الله وسلم وبارك على إمام العلماء ، وقدوة الحنفاء سيد الخلق أجمعين وبعد :
فإنَّ الله جل وعلا يقول : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات إن ممن رفعهم الله أهل العلم العاملين الذين هم أركان الشريعة وأمناء الله في خلقه فهم ورثة الأنبياء وقرة عين الأولياء وبهم تحفظ الملة وتقوم الشريعة، ينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الضالين، فلله درهم وعليه أجرهم ما أحسن أثرهم وأجمل ذكرهم، رفعهم الله بالعلم وزينهم بالحلم، بهم يعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل، حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة، يََُّذكرون الغافل، ويُعَّلمون الجاهل، جميع الخلق إلى علمهم محتاج، هم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا.
إن الله تعالى قد فرض لأهل العلم الراسخين والأئمة المرضيين حقوقا واجبة وفروضا لازمة من أهمها محبتهم وموالاتهم وذلك أنه يجب على المؤمن محبة المؤمنين وموالاتهم فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض قال ابن تيمية رحمه الله: " فيجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله، موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن خصوصاً العلماء الذين هم ورثة الأنبياء " أ.هـ كلامه رحمه الله.
فحب أهل العلم والدين قربة وطاعة فإذا رأيتم الرجل يذكر أهل العلم بالجميل ويحيَّهم ويقتدي بهم فأمَّلوا فيه الخير، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
ومن حقوق أهل العلم : احترامهم وتوقيرهم وإجلالهم لأنه من إجلال الله تعالى وتوقيره، ومن حقوقهم: الذب عن أعراضهم وعدم الطعن فيهم فإن الطعن في العلماء العاملين والأئمة المهديين طعن في الشريعة الدين وإيذاء لأولياء الله الصالحين، ومجلبة لغضب الله رب العاملين الذي قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)) [رواه البخاري]
ومن حقوق علماء الشريعة حفظة الملة: طاعتهم فيما يأمرون من الدين فإن الله تعالى قد أمر بطاعتهم في محكم التنزيل يقول جل وعلا يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وأولوا الأمر هم العلماء بالشرع والأمراء في الخلق فالعلماء يطاعون فيما يرجع إليهم من العلم والدين، ومن ذلك الرجوع إليهم فيما يشكل على الناس من أمر الدين، قال جل وعلا: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [الأنبياء:7].
فإلى العلماء الرجوع عند التباس الأمر وخفائه، فما حكموا به فهو المقبول المسموع إذ أن كتاب الله عدتهم والسنة حجتهم ورسول الله قدوتهم.
وإنني أحسب أن سماحة والدنا وشيخنا الجليل الكريم الحبيب إلى قلوبنا وقلوب الملايين من المسلمين سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله ورعاه من تلك الثلة التي تغتبط الأمة بأن أنجبت مثله ، وإني لأعلم تمام العلم أنَّ شيخنا لا يقبل مني هذا ولا يُحبِّذه وما كنت _ مع جليل تقديري له _ لأعصيه وأذكر ما يُكدِّره ولكنها والله شجون محب منصفٍ بإذن الله ، أتقرب بهذه الكلمات إلى الله تعالى ، ولقد ألمَّت بشيخنا وعكةٌ صحية طرأت ، فهزَّ لها قلب كل مُحب ، وتظافرت القلوب والأقلام على السؤال عن أخباره ، وتصيُّد أحواله ، ومع كل بشرى تلوح تنبلج الأسارير ، وتهتف الدعوات ، وفي هذه الظروف أحببت أن أدلَّ الجيل من شباب الأمة على عَلَمٍ من أعلامها ، وحبرٍ من قادة فكرها، أحبته القلوب ، وألفته النفوس وهو لذلك أهلٌ ومُستحق _ نحسبه كذلك والله حسيبنا وحسيبه _
إنَّ شيخنا الجليل وقد عرفه القريب والبعيد ، والحاكم والمحكوم ، والعلماء وطلبة العلم ، وعرفوا له قدره ومكانته وعظيم جهده وجهاده في ذات الله ، وشاركنا في حبه والوفاء له ملايين من صالحي الأرض في المشارق والمغارب ، بل أقول وبحق إنه ممن أحسبه مُجمع على حبه بين العلماء العاملين ، والدعاة المصلحين ، والشباب المتوثبين لكل خيرٍ وعلم ،بين الذكور والإناث ، بل إن لفتواه الأثر الجميل ، ولكلامه الميزة الخاصة ، والمكان الذي لا يُنكر ، بل في كلِّ ملمة تُلمُّ بأمتنا الإسلامية الكبيرة تتجه الأنظار إلى علماء هذه البلاد المباركة ، وتتحرى كلمتها ، وتنتظر توجيهها ، وعلى رأس كوكبة علمائنا يتربع شيخنا أدام الله عافيته ونفعنا والمسلمين بعلمه.