تعيش الأمة الإسلامية اليوم أزمة في مشارق الأرض ومغاربها وما يحدث من ظلم وإنتهاك في حق إخواننا المسلمين، والكل يتسَائَلُ عن كيفية الخروج من هذه الأزمة،
وما هو واجبنا في هذه الأحداث؟
تعالوا نقف وقفات ونتدبر كلام رب الأرض والسماوات لنعرف كيفية النجاة ...
البـدايــة أن نـرجـع للـقـرآن ..
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]
فالقرآن قد قص علينا معادلة النجاح للخروج من مرحلة الإستضعاف الى مرحلة التمكين.
فما هى المعادلة القرءانية للنجاح ؟
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا ..} [البقرة: 246] ..
زعم ملأ من بني إسرائيل إنهم يريدون أن يُقاتلوا ويجاهدوا في سبيل الله، ولكن هذا كان مجرد إدعاء.فعندما جاء وقت القتال، لم يثبتوا بل تولوا وفروا ..لأنهم لم يعدّوا العدّة الإيمانية .. {.. فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)} [البقرة] ..ظلموا أنفسهم حينما عاشوا الوهم، والمسلمون اليوم والله يعيشون هذا الوهم والخداع .. يزعمون إنه إذا جاءهم ملكًا سيقاتلون في سبيل الله، بالرغم من عدم إستطاعتهم الثبات أمام شهوات النفس.ولكن الإدعاءات وحدها لا تكفي ..
نحن نحتاج إلى إيمان نثبُت به ثبات الجبال .. حينها فقط نستطيع الجهــاد ..
والقرآن قد بينّ لنا الخطوات العملية التي ينبغي أن تتهيأ بها أمة المسلمين حتى يستعدوا حق العدة للفتن التي تحيط بهم في أرجاء العالم
شـــروط القــائد الذي سيرفع الرايـــة .. {.. قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} [البقرة]نحتاج في رجل الإسلام المأمول أن يكون بصيرًا بدينه، عالمًا يعلم عن الله .. لديه قوة علمية وقوة بدنية و "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" [رواه مسلم] .. القوة ليست قوة أبدان فقط إنما نحتاج هذا وذاك؛ رجل قوي بحكمته، قوى بعلمه، قوي بخبرته يعرف كيف يدرس الأمور و يفهم الواقع و في نفس الوقت قوى بجسده .. كما إننا نحتاج إلى المهندسين والمختصين لنتفوق في المجال التقني على العدو
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ..} [الأنفال: 60]
*********************
زمــن التمـحـيــص .. {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ..(249)} [البقرة] .. وهذا هو الإختبار الصعب وهو إختبار الدنيا والنهر هنا كأنه رمز للدنيا، ومعناه ان نجعل الدنيا في أيدينا ولا نتكالب عليها ولا نوهن أنفسنا ولا أمتنا بحب الدنيا. فإن الدنيا عندما تدخل القلب يسلطها الله عز وجل على صاحبه. وحينما جاء الإختبار الحقيقي ظهر الكاذب من الصادق فميزهم الله تعالى به، فإن الله يبتلي ليُهذب لا ليعذب.
********************* ******************** **********************
بدايـــة النصــر..اليقيــن .. {.. قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] فكان هذا يقين الفئة المؤمنة بأن القوة الحقيقة هي قوة الإيمان بالله وليست القوة المادية من عِدد وعتاد فقط .. فلا توجد أي معركة أو غزوة غزاها النبى صلى الله عليه وسلم إلا وكان عدد المسلمين أقل من أعدائهم ورغم ذلك نُصر النبى صلى الله عليه وسلم النصر العظيم. وحيــن المواجهــة .. { وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ ..} [البقرة: 250,251] .. لم يفزعوا ولم يهلعوا وإنما تثبتوا بالإيمان الذي كان يملأ قلوبهم، فهزموهم. هكذا التدريج، مروا بهذه الإختبارات ليصطفي الله العباد .. { لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ..(37)}[الأنفال]، {.. وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)} [آل عمران]