هو حذيفة بن اليمان بن جابر وكان يكنى بعبد الله وقد دخل الإسلام هو وأخوه ووالده معا ولذلك فقد نشأ في ظل النبي يتعلم منه الرسالة، وكانت له مواقف كثيرة واستأمنه النبي على أسماء المنافقين قبل وفاته – لذلك لقب بكاتم سر رسول الله -
وفى غزوة احد واجه حذيفة موقفا صعبا فقد قتل والده خطأ بيد المسلمون فصاح بضاربيه " أبى أبى انه أبى " ولكن والده كان قد لقي ربه بالفعل فما وقف عن المعركة وإنما انطلق يقاتل في سبيل الله وبعد انتهاء المعركة علم النبي بما حدث فأمر بدفع الفدية إلى حذيفة ولكن حذيفة تصدق بها فازداد الرسول له حبا وتقديرا.
وفى غزوة الخندق بعد ان دبت الفوضى في صفوف المشركين أمره النبي وقال له " يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا " فذهب وجلس بين المشركين وهم لا يرون شيئا من ظلمة الليل وإذا بأبو سفيان يقول " يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه " فسارع حذيفة على الفور في سرعة بديهة بأن بادر بسؤال من يجلس بجواره " من الرجل ؟ " ثم قام أبو سفيان ودعا المشركين إلى الرحيل بعد ان حلت بهم الهزيمة فعاد حذيفة إلى الرسول يحمل له البشرى.
وكان النبي قد ائتمن حذيفة على أسماء المنافقين وجاءه عمر بعد وفاة رسول الله يسأله " اعدنى النبي لك من المنافقين ؟ " فيجيبه " لا " ثم يسأله " أفي عمّالي أحدٌ من المنافقين ؟ "قال " نعم ، واحد " قال " مَن هو ؟" قال " لا أذكره " قال حذيفة " فعزله كأنّما دل عليه " .
وكان حذيفة هو أخر من سمع حديثا من النبي، يقول حذيفة " أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفاه الله فيه، فقلت " يا رسول الله، كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟" فرد عليّ بما شاء الله ثم قال " يا حذيفة أدْنُ مني " فدنوت من تلقاء وجهه ، قال " يا حذيفة إنه من ختم الله به بصومِ يومٍ، أراد به الله تعالى أدخله الله الجنة، ومن أطعم جائعاً أراد به الله، أدخله الله الجنة، ومن كسا عارياً أراد به الله، أدخله الله الجنة " قلت " يا رسول الله، أسر هذا الحديث أم أعلنه " قال " بل أعلنه " فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -.
وفى عهد عمر بن الخطاب أوكل إلية سعد بن أبى وقاص اختيار مكان ملائم كي يقيم به المسلمون فاختار مكان مدينه الكوفة وكانت صحراء جرداء فأصبحت مدينة عامرة.
و قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ما من نبي قبلي إلا قد أعطيَ سبعة نجباء رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر: سبعة من قريش: علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر، وأبو بكر وعمر، وسبعة من المهاجرين: عبد الله ابن مسعود، وسلمان وأبو ذر حذيفة وعمار والمقداد وبلال )، وقال النبي " ما حدّثكم به حذيفة فصدقوه "
وكان – رضي الله عنه – واسع الحكمة بليغا وله في ذلك أقوالا كثيرة منها انه قال ،ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه “.
وحينما استشهد عثمان ابن عفان مقتولا قال حذيفة " اللهم إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، والله ما شهدت ولا قتلت ولا مالأت على قتله " .
ولما حضرحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً، فقيل " ما يبكيك ؟" فقال " ما أبكي أسفاً على الدنيا، بل الموت أحب إليّ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضى أم على سخط “ وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن، وبعد مقتلِ عثمان بأربعين ليلة .