النور و الإيمان Admin
عدد الرسائل : 642 العمر : 47 نقاط : 6 تاريخ التسجيل : 17/08/2008
| موضوع: عاشوراء و«التطبير» والمهدي وصورة الإسلام الأربعاء يناير 28, 2009 5:15 am | |
| مذكّراً بفتواه منذ سنوات بحرمة التطبير (ضرب الأجساد بالسلاسل والجنازير) في ذكرى عاشوراء ، قال المرجع الشيعي اللبناني السيد فضل الله إن الحرمة تعود لسببين: الأول ، حرمة الإضرار بالنفس ، والثاني لما يؤديه ذلك من تشويه لصورة الإسلام ، وللمسلمين الشيعة بالخصوص.
في سياق آخر قالت القوات الأمنية في محافظة النجف العراقية إنها اكتشفت قبل عاشوراء "مؤامرة كبيرة ، وألقت القبض على قيادييها ، وهم جماعة أحمد بن الحسن (المهدي الجديد) التي تزعم ظهور إمامها المهدي في عاشوراء" ، وهو طرح مشابه لما جاءت به جماعة جند السماء العام الماضي ، وفي الحالتين وقع ضحايا بالمئات ، مع العلم أن مثل هذه الجماعات ما زالت تتوالد تباعاً في المجتمع الشيعي العراقي.
لا نتحدث في هذه القضايا من أجل تعميق الخلاف مع إخوتنا الشيعة ، بقدر ما نحاول البحث عن قواسم مشتركة تخدم صورة الإسلام والمسلمين في زمن تنقل فيه الفضائيات كل شيء ، وتخضع الأديان كلها للمناقشة من دون تحفظ ، مع العلم أن الجدل لا يتوقف عند ثنائية الشيعة والسنّة فقط ، بل يشمل جدلاً بين فرق الشيعة ذاتها ، وجدلاً آخر لا يقل حدة بين فرق ومذاهب السنة يصل أحياناً حد الخلاف حول مسائل العقيدة. كما لا يتورع الشيعة بدورهم عن الخوض في كثير من مسلمات السنّة ورموزهم.
لعل السؤال الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بالتطبير هو أية صورة سيأخذها أي عاقل في هذه الكون عن المسلمين إذ يراهم في كل عام يلطمون ويضربون أنفسهم بالسلاسل والجنازير حزناً على جريمة سياسية (لم يقتل يزيد الحسين من أجل الدين بل من أجل الدنيا) وقعت قبل أربعة عشر قرنا؟،
ما علاقة هذه القصة بجوهر الدين وطروحاته ، وأقسم أنني أقول ذلك وأنا أحب الحسين وأراه أجمل الشهداء ، وأرى في قصته دلالة رمزية على التضحية من أجل المبدأ؟، أية فائدة تجنى من استعادة القصة بهذه الطريقة كل عام كأنها وقعت بالأمس غير تجديد الأحقاد على من تبقى من المسلمين بوصفهم أنصار القتلة مع أنهم يعتبرون حب آل البيت من صميم عقيدتهم؟،
أما نظرية الوراثة في الدين والاعتقاد بأن الله عيّن الأئمة واحداً تلو الآخر بدءا بعلي رضي الله عنه ، وأن الإمام الثاني عشر (العسكري) قد غاب وسيعود ، فهي في اعتقادي أسطورة ينبغي أن يعيد عقلاء الشيعة النظر فيها كما فعل أحمد الكاتب الذي كان وما يزال شيعياً ، لكنه يتحدى أي عالم أن يناقشه في هذه الأسطورة التي واجهت أكثر من مأزق خلال تسلسلها ، فكان الشيعة الإسماعيلية نتاجاً لأحد مآزقها بعد موت إسماعيل (وريث أبيه جعفر الصادق ، بحسب التراتبية الإمامية في الابن الأكبر) ، بينما جرى تجاوزها عند الاثني عشرية ، ثم واجهت مأزق عدم وجود ابن للإمام العسكري قبل موته ، فاخترعت قصة الطفل الذي اختفى من بطش الأمويين ليعود في آخر الزمان "كي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً".
قرأت العام الماضي رسالة للمفكر الشهيد محمد باقر الصدر عن الإمام المهدي ، وعلى رغم قدرات الرجل الفريدة في الفلسفة والإقناع إلا أنه عجز عن توفير الإطار العقلي والمنطقي والشرعي للقصة ، ليس فقط لأن غياب الأمويين قد أنهى مبرر الاختفاء ، إلى جانب قيام دول شيعية كثيرة كان بوسعه الظهور خلالها آخرها إيران ، بل أيضاً لأن غيبته الطويلة تشكك في نظرية أن الأرض لا يمكن أن تبقى من دون إمام ، والتي استندت إليها عقيدة الإمامية ، والأهم أنه لا معنى لمكوث الأرض في ظل الجور كل هذه القرون ليستمتع بالعدل أهل آخر الزمان دون سواهم،،
لا قيمة هنا بالطبع لمقارنة قصة المهدي عند السنّة بمثيلتها عند الشيعة ، ليس فقط لأن علماء كثر يشككون فيها ، بل أيضاً لأنها ليست من أصول الدين ، فضلاً عن أركانه الأساسية كما هو حال الإمامة عن الشيعة.
الإسلام دين عظيم ، له كتابه المحفوظ بأمر رب العالمين ، وهو دين له أسسه وتعاليمه التي تتحدى العالم بروعتها وقدرتها على تجاوز تحولات الأزمنة والأمكنة ، لكن بعض الممارسات ما زالت تحوّله إلى أشكال من الوثنية والشعوذة التي لا تمت إلى العقل والمنطق بأدنى صلة (يحدث شيء من ذلك عند بعض الصوفية السنّة).
لو جرى تجاوز هذا الثأر التاريخي في قصة الحسين ، وقبلها قصة السقيفة والخلافة ومعها قصة المهدي (ليقرأ المعنيون قصتها من كتاب أحمد الكاتب "الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه") ، لتراجع الخلاف إلى الحد الأدنى ولحافظنا معاً على صورة الإسلام ووحدة المسلمين.
العربية نت / 19-1-1429 هـ | |
|