عابر سبيل عضو مميز
عدد الرسائل : 187 أعلام الدول : نقاط : 21 تاريخ التسجيل : 30/12/2008
| موضوع: محاضرة للشيخ مشهور عن أحداث غزة الأحد يناير 25, 2009 12:44 am | |
| الشيخ مشهور حسن آل سلمان: قتالنا لعدونا بأعمالنا هو طريقنا للنصر
في محاضرة له حول ما يحدث في غزة قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان: الذي يجري في غزة يجعلنا نقرر أمورا -ولعل الوقتَ لا يتسعُ للكلام بالتفصيل ولكن في الإشارة في هذا المقام -إن شاء الله- إليها ما قد يجعلنا نتلمس الأحكام التي ينبغي أن تقرر فيما يخص هذه النازلة: فما ينبغي أن يُعلم أن الواجب على المسلمين جميعاً بذل ما يستطيعون من جهد لإيقاف نزيف الدم حالاً، ومن قصّر فهو آثم، فشيخنا الإمام الألباني-رحمه الله- في تعليقه له على شرح العقيدة الطحاوية -وقد كتبها منذ أكثر من ربع قرن قال: "إن المسلمين جميعاً آثمون لتفريطهم فيما يجري في فلسطين"أهـ، وإذا كان هذا الإثم بمجرد اغتصاب اليهود-لعنهم الله لعنات متتابعة - لأرض فلسطين فماذا نقول اليوم عن الدماء المسلمة التي يسفكها قتلة الأنبياء في أرض فلسطين؟!
وأضاف فضيلته: فالواجب على الصالحين الدعاء، والواجب على العلماء البيان -بيان ما يلزم من أحكام- بغير تهور ومع دوران مع الدليل، والواجب على الحكام والأغنياء بذل ما يستطيعون بجميع الوسائل المتاحة لهم بأن يوقفوا هذا السيلان من الدماء، والواجب على المسلمين جميعاً - في غير الواجب الوقتي الآن - أن نتلمس وأن نضع الأصبع على الداء - أصل الداء- الذي أطمع فينا الأعداء وهو أننا غثاء؛ وهذا الغثاء ورد في حديث ثوبان الذي أخرجه الإمامُ أحمد والطبرانيُّ وغيرُهما بإسناد صحيح، يقول النبي[: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم وفي - رواية فيها زيادة: الأمم من كل أفق - كما تتداعى الأكلة على قصعتها" وفي رواية: «كما تتداعى الأكلة على قطعتهم»، قالوا - لما سمع الصحابة ذلك من رسول الله[ تأملوا! كيف يجتمع علينا الأعداء من كل أفق كما يجتمعون على القصعة، على الطعام، فما ظنوا إلا أننا أقلة فقالوا مستفسرين من رسول الله[ "أوَ من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟" فقال[: «لا بل أنتم كثير - وفي رواية صحيحة: بل أنتم أكثر من عددهم» - عددكم مليار ومائتا مليون، لو أن هؤلاء اتحدوا على التوحيد وبصق كل واحد منهم بصقة على اليهود فلن يبقى لليهود آثارا، «ولكنكم غثاءً كغثاء السيل تنتزع المهابة من قلوب عدوكم وفي رواية ولينزعن الله المهابة منكم - وليقذفن الله في قلوبكم الوهن»، قالوا: "وما الوهن يا رسول الله؟ فقال رسول الله[: "حب الدنيا وكراهية الموت".
وأكد فضيلته أن حب المسلمين لفلسطين هو لأجل أنها أرض المسلمين ومقدساتهم؛ حيث قال: حبنا لفلسطين وعملنا لفلسطين عقيدة لأنها أرض المسلمين وفيها مقدسات المسلمين؛ وقد ربطها الله عز في علاه كقبلة أولى للمسلمين، فكانت القبلة للمسجد الأقصى، وربطنا الله بالإسلام رباطاً لا ينفك في رحلة الإسراء، ارتباطا لا يجوز لأحد أن يفكه.
الواجب على المسلمين أن يدعوا لإخوانهم، وأن يبذلوا ما يستطيعون لحماية بيضتهم، وكل مسلم يجب عليه عمل ما بوسعه.
وقال فضيلته: النصر له سنن، وربنا يقول: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}، ويقول: {أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، ولكننا بعيدون عنه، يجب أن نسلك طريق النصر وأن نبدل هذه الأمة إلى أمة محمدية حقيقية وألا تبقى أمة غُثائية ؛ والأمة المحمدية الحقيقية ليست أمة معاص وطيش وعواطف بل أمة علم وعمل؛ أمة تعرف واجباتها وتعظم ربها وتعرفه معرفة شرعية صحيحة وتعرف حق نبيها وتؤديه.
فما معنى {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}: إن أديتم حق الله عليكم وما أوجبه الباري على عباده فإن الله سيرعاكم ويجعل النصر حليفكم، وليس ذلك فقط، بل ويثبت أقدامكم.
وقال أيضاً: الذي يجري في غزة ليس محنة مجردة ففيها منحة؛ النصر له مفهوم شرعي واسع، وقد يموت الإنسان ولا يحقق النصر المراد، ولكن إن كان الإنسان يسير على واجب الوقت ويؤدي حق الله عليه، فالثمرة التي تجنى من بعده هي نصر... الطريق الذي يسلكه وإن كان وحيداً شريداً فإن كان في الطريق الصحيح فهو نصر، فالنبي[ في طريقه هجرته وهو في الغار يقول عنه الله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ}.
شيخ الإسلام ابن تيمية مات في سجن القلعة على مسائل في الطلاق كاد بها أعداءه.. ونصره الله تعالى في المسائل التي خالف بها أعداءه؛ فأصبحت المحاكم في الكثير من العالم الإسلامي تقضي في تلك المسائل بحكمه، مع أنه كلامه خالف به المذاهب المتبعة.. هذا نصرٌ من الله يحدث فيما بعد.. المهم أن تعرف الواجب الملقى عليك وأن تؤدي حق الله عليك، فإن لم تستطع فلا أقل من أن تؤدي هذا الحق بالدعاء، والعبد يتأدب مع ربه ولا يتعجل النصر.
تعلمون ما أصاب المسلمين في أحد من هزيمة.. هل انهزم الإسلام في أحد؟ لا.. فالإسلام منصور... فالإسلام ينتصر ولو انهزم المسلمون كما في الأندلس والعراق وأفغانستان وفلسطين.
علينا واجب في الحال وواجب في المآل، واجب الحال وقف نزيف الدم والدمار على إخواننا؛ وواجب المآل أن نجاهد بأنفسنا، أن نكون أمة عمل وصدق وإخلاص وقرب إلى الله.
وقد قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "نحن قوم نقاتل عدونا بأعمالنا"، وقتالنا لعدونا بأعمالنا هو طريقنا للنصر، إن أدينا الذي علينا أعطانا ربنا الذي لنا، وماذا يصعد عند ربنا فينزل علينا، فقتالنا عدونا هو بأعمالنا.
وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول: "عمّالكم- أي حكامكم - أعمالكم"... "عُمّالكم أَعمالكم"، فأعمالنا هي التي تحدد موقعنا، لا يمكن البتة أن نتجاوز سنن الله تبارك وتعالى، لا يمكن لأحد أن يتجاوز سنن الله ويصل إلى النصر هكذا!! فالنبي[ عذب في مكة وأُوذي من الكفار ومشركي مكة كثيرا. وعُذَّب أصحابه ولاقى الآلام وأخذ بالأسباب وهاجر وبذل الغالي والنفيس ونصر الله هو ومن معه؛ فنصره الله عز وجل.
وفي أصول الفقه أن الترك فعل؛ قال تعالى {يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} ترك القرآن جعله ربنا اتخاذا؛ فالترك فعل.
والفقهاء يقررون لو أن طبيباً ترك مريضاً ينزف وبقدرته علاجه وإيقاف نزيفه ولم يفعل الذي يستطيعه فإنه مجرم.. ويُعد عند الله قاتلاً.. وهو لم يفعل شيئاً إلا الترك.
والنبي[ يقول- وهذا حديث من أدلة أن الترك فعل -: " أيُّما أهل عَرْصة - أي أهل حي- باتوا وفيهم امرؤ جائع إلا برَأَت منهم ذمةُ الله".
يقول ابن حزم: لو أن فقيراً مات جوعاً في حي فإني أقضي بقتل الحي جميعاً؛ بسبب هذا الذي قد مات جوعاً وهو بينهم، يُقضى بقتل الحي.
فالمسلمون كالجسد؛ فالواجب علينا أن نبذل ما نستطيع ولا أقل من الدعاء.
وأختم كلامي بأن الدعاء ينبغي أن يكون نافعاً، أن يكون بشروطه الشرعية.
الصياح والغثاء لا نفع فيه، وترك المسلمين في غزة هكذا هو ترك فعل... وهو سُبّة في جبين كل من يستطيع أن يقدم شيئاً ولم يفعل.
ولن يستقيم حال الأمة إلا بالعلاج الشرعي، والعلاج الشرعي طويل وفيه جهد وتعب ولكن لن يستقيم حال الأمة إلا به؛ أن يتوحدوا على التوحيد وأن يشعروا كل من قال «لا إله إلا الله محمد رسول الله» بحق، أنه أخ لهم وله حق عليهم، وأن يهبوا لنجدته وأن يعملوا على رفع الظلم عنه.
هذه ومضات من مكلوم, أسأل الله - تبارك وتعالى - أن نكون ممن ينصرون دينه، ويعملون لطاعته، نسأل الله أن يبصرنا ويعلمنا ويرشدنا.
منقول | |
|