عذرا أهل غزة.. فلست أملك القرار الدولي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية عليكم، خصوصا وأنها أخذت الغطاء الدولي من أمين عام الأمم المتحدة فهو يصفكم بالإرهابيين لأنكم تقاتلون بالحجارة!!، واعتبرها الرئيس الأمريكي حق اليهود في "الدفاع عن النفس" لأنكم تدافعون عن أنفسكم بالرصاص وصواريخ الخردة، وهم يقصفونكم بالصواريخ والطائرات والبارجات والدبابات!!
عذرا أهل غزة.. ولست أملك القرار العربي للمقاطعة الدبلوماسية والحرب العسكرية وفتح المعابر، لأن العرب يحترمون القوانين الدولية التي ضدهم، ويعشقون الكراسي الذهبية التي تحتهم فيلتزمون الصمت، ويكتفون بإصدار بيانات الشجب والاستنكار من قبل خبراء اللغة لتشعلوا عليها نارا تتدفؤوا بها في قسوة البرد!!
عذرا أهل غزة.. لقد نسينا معنى العزة والكرامة العربية، ولكن الشعوب العربية والاسلامية الحرة رأت فيكم بقايا كرامة ترفع هاماتنا بصمودكم وشهدائكم، فأشعلتم فيهم روح المبادرة والعطاء.. والدعاء، فأقامت المسيرات والاعتصامات، وجمعت التبرعات من الأهالي أصحاب المعاشات، وسيرت عشرات الشاحنات الإغاثية من دواء وغذاء، تبرئة إلى الله عز وجل، ورب درهم سبق ألف درهم.
ولم يتوقف الناس عن الدعاء، فاكتظت المساجد بالصلوات ودعاء القنوت، وتسابق الناس للصيام والقيام تضرعا إلى الله عز وجل ليفرج عنكم كربتكم.
عذرا أهل غزة.. لا تركنوا لأحد سوى الله تبارك وتعالى، فهو المنقذ من كل ذلك. وأوصيكم وأوصي نفسي وكل مسلم بهذا الدعاء الذي استجار به النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف عن أهل الطائف بعدما ردوه، وأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال: «اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني.. إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك» [ضعفه الألباني].
عذرا أهل غزة.. لقد أيقظتم المارد الذي كانوا يخشونه مبكرا، بعد أن بات العرب في سبات عميق، واجتمعت عليكم الأمم، فما ازددتم إلا ثباتا وصمودا وإيمانا، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سورة آل عمران: 173].
أهل غزة.. لقد آن أوانكم ولم يئن أوان العرب، فاليهود بعدتهم وعتادهم يقاتلونكم من وراء جدر، يعلوهم الخوف والرهبة، وأنتم تقاتلونهم بصدوركم وإيمانكم، تعلوكم الشجاعة والصبر، فأعزكم الله وأذلهم.
عذرا أهل غزة.. لم يعد للكلمات معنى أمام جهادكم، وجفت الأقلام أمام أفعالكم، وأيست النساء أن تلد أمثالكم، فأنتم الكبار وغيركم صغار، فالله ينصركم ويثبت أقدامكم.